فالوحدانية صفة من صفات الله عز وجل، أي أنه سبحانه واحد لا شريك له ولا ثاني له. كما يثبت أن الله تعالى غير مخلوق ويجب على الإنسان أن يؤمن بهذه الصفة. فإن العبادات كلها تعتمد على اتحاد الألوهية، وهو أن العبادات كلها موجودة لله تعالى وحده لا شريك له.

الأدلة النصية على وحدانية الله

  • قالت آية الكرسي تعالى: «الله لا إله إلا هو الحي القيوم. لا يأخذه نوم ولا سنة، ما في السماوات وما في الأرض.” من هو؟ فإذا لا يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤذوه. هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ» (البقرة: 255).
  • سورة الإخلاص: “قل هو الله أحد (1) الله الصمد (2) لم يلد ولم يولد (3) ولم يكن له كفواً أحد (4)”

فالصمد: هو المتفرد، القائم بذاته، الخاضع لغيره. فهو الكامل في صفاته، يحتاج إليه جميع الخلق، وهو الكافي، فسبحان من يفعل ذلك لا يحتاج إلى شيء من خلقه، وصفة التوحيد له وحده، ولا تطلب سواه.

يقول الله تعالى: “ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فلا حساب إلا ربه ولا يفلح الكافرون”.

قال الله تعالى في سورة لقمان: “ومن أسلم وجهه لله وهو محسن فقد تمسك باليد الوثقى، وعند الله خاتمة الأمور”.

“ولو كان فيهم آلهة غير الله لفسدوا” (سورة الأنبياء: 22).

قال تعالى: «هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة. هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الْيَمَانُ الْعَزِيزُ الْعَزِيزُ مَا أَشْرَكُوا بِهِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» (سورة الحشر: 22-24). )

أي أنه هو الإله الواحد، المنزه عن كل نقص، الطاهر من كل عيب، خالق الكون وخالقه في أبهى صوره، خالق خلقه.

قال الله تعالى في سورة غافر: «هُوَ الْحَيُّ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصًا الدِّينَ… (65)»

يقول تعالى: “”من في السموات ومن في الأرض تحت رحمة عبده*””

قال الله تعالى: “ولا تدعوا من دون الله ما لا ينفعكم ولا يضركم”. فإن فعلت ذلك تكن من الظالمين. *وإن يضرك الله فليس إلا هو وإن يردك بخير فلا حرج من كرمه على من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم (سورة يونس/106-) 107).

قال الله تعالى: “ولله غيب السماوات والأرض وإليه ترجع الأمور جميعا”. اعبده وتوكل عليه. وما ربك يعلم ما تفعلون (سورة هود: 123).

وكل هذه أمثلة من الآيات القرآنية الدالة على وحدانية الله عز وجل وإبرازه وحده للعبادة سبحانه.

أحاديث نبوية تدل على وحدانية الله

يجب أن تشتمل سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- على دليل على وحدانية الله عز وجل، فكل الرسل أرسلوا لدعوة قومهم إلى عبادة الله عز وجل والرسول صلى الله عليه وسلم توحيد. عليه الصلاة والسلام، بعث إلى الناس كافة.

فكما أن القرآن الكريم فيه آيات تدل على وحدانية الله، فإن هناك أحاديث كثيرة في سنته تدل على إفراد الله تعالى بالعبادة.

وما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: “أي الذنب أعظم؟” تزني بحليلة جارك، وتقتل ولدك ليأكل معك أو يأكل طعامك» الراوي: عبد الله بن مسعود | المحدث : أحمد شاكر المصدر : خاتمة المسند لشاكر الصفحة أو الرقم: 6/196 | خلاصة حكم الحديث: إسناده صحيح الخاتمة: رواه البخاري (4477) ومسلم (86) بفارق يسير.

النظير: هو النظير ونحوه. والحديث الشريف يثبت أن الله تعالى هو وحده المستحق للعبادة، وهو وحده الذي يخلق ويخلق، ولذلك فهو الإله الوحيد المستحق للعبادة، ومع أن الاعتراف به وحده لا ينفع في العبادة بدون أفعال، فإن اعتراف الكافرين بأن الله واحد هو لا ينفعهم دون إفراده بالعبادة.

  • عن عوف بن مالك الأشجعي قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم تسعة أو ثمانية نفر، فقال:

ألا تريد أن تبايع رسول الله؟ فبسطنا أيدينا فبايعه، فقال قائل: يا رسول الله، على ما نبايعك؟ قال: على أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتصلي الصلاة الصلوات الخمس والسمع والطاعة، وأدق الكلمة: ولا تسأل الناس شيئاً. الراوي : عوف بن مالك الأشجعي | المحدث : ابن عبد البر | المصدر: المقدمة | الصفحة أو الرقم: 21/133 | خلاصة قرار الحديث : مشهور

وقوله صلى الله عليه وسلم: (ألا تعبدوا إلا الله ولا تشركوا به شيئا…) أي لا تشركوا به في العبادة أحدا ولا تشركوا به شيئا دليلا على ذلك. وحدانية الله تعالى وضرورة إبرازه للعبادة.

ما رواه عبد الله بن عباس قال:

“لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن قال له: إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه هذه الوحدة” الله عز وجل الراوي : عبد الله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 7372 | خلاصة قرار الحديث: [صحيح] | الخلاصة : رواه مسلم (19) مع اختلاف يسير

وهذا يدل على أن أول طريق الإيمان بالله عز وجل هو إثبات نوعية الوحدة معه تعالى، فهذا شرط لقبول العمل مع الله بأن يدخل الإنسان في الإسلام ومن دون الإيمان به يبقى على الكفر والشرك.

الأدلة العقلية التي تثبت خاصية الوحدة

إن صفة التوحيد صفة ثابتة لله عز وجل، خالية من كل عيب لا يتوافق مع جلالته، ينبغي أن يؤمن بها كل مسلم، ويحكم العقل البشري باستحالة وجود أكثر من إله واحد.

إذا ثبت أن هناك إلهين في الكون، فيجب أن يكون أحد ثلاثة أشياء صحيحاً عندما يختلفون في شيء ما، مثلاً أن يريد أحدهما إحياء الإنسان والآخر يريد قتله.

  • إما أن يحدث ما يريدون: وهذا مستحيل، لأن الضدين لا يجتمعان في وقت واحد.
  • أو لم يتم مهمتهم: هذا مستحيل، لأن هذا لا بد أن يكون الجسم خاليا من الراحة والحركة، وهذا مستحيل.
  • أو أن رغبة أحدهما يمكن أن تتحقق دون الآخر: فهذا مستحيل. لأنه يتطلب أن يكون أحدهما إلهًا قويًا والآخر غير كفؤ وغير صالح للألوهية.

وبما أن العالم واحد، فمن الواضح أن خالق هذا الكون واحد، لأنه لو كان هناك أكثر من خالق واحد لاستحال على العالم أن يتحقق الوحدة لأنهم لن يتفقوا في جميع الأمور، والله قال تعالى:

“لم يتخذ الله ابنا وليس معه إله. لَأَخَذَ كُلُّ إِلَهٍ مَا خَلَقَ وَلَعَلَّ بَعْضَهُمْ يَفْضَلُونَ عَلَى بَعْضٍ…” (سورة المؤمنون/الآية 91).

  • ولو كان هناك إله غير الله لأرسل رسله، ولعرفنا مضامين ملكوته، وعرفنا صفاته وأسمائه وآيات وجوده التي لم يشاركه أحد في ملكه.

قال علي بن أبي طالب: واعلم يا بني أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله، لرأيت آثار حكمه وسلطانه، ولعرفت أفعاله وصفاته. “ولكنه إله واحد كما وصف نفسه. ولا يستطيع أحد أن يعارضه في حكمه، ولن يتوقف، ولم يتوقف.

  • ولو كان هناك إلهان لكان لكل منهما فاصل يميزه. وإلا لكان الإلهان واحدًا. إذا كان هذا الفاصل موجودا، فسيكون ضروريا أيضا كوزن. أن يكون إلهًا أيضًا لأنه كبير في السن وموجود بذاته. ولذلك كان الإلهان ثلاثة والثلاثة أربعة وهكذا، ولا بد من الدورة والنظام، وكلاهما باطل.
  • لا يمكن لفاعلين أن يأتيا بفعل واحد، فلو كان هناك فاعلان لفعل واحد، كل منهما يفعل ما يفعل صاحبه، فلن نجد عملا واحدا إذا فعله أحدهما دون أن يفعل الآخر، سيكون الآخر خاملاً، ولا يمكن أن يكون الخمول إلهًا إذا اجتمع عميلان معًا لإفساد المكان.

وسئل الإمام الصادق رحمه الله عن دليل على أن الله واحد فقال: “دوام القيادة وكمال الخلق”.

  • لو كان هناك إلهان، لتصرف كل منهما بشكل مختلف عن الآخر، وبالتالي لن يحققا شيئًا؛ لأن الأول يريد والثاني لا يريد، لا يتحقق الفعل، وبذلك يثبت أن الله تعالى واحد لا شريك له.
  • ولو افترض أن هناك آلهة أخرى إلى جانب الإله الحقيقي، يجب أن يجلسوا معه على العرش، فيكون موجودان متكاملان في مكان واحد، وهذا مستحيل. لأن المثلين لا يمكن أن ينسبا إلى مكان واحد، وإلا كانا كلاهما واحدا، وهو ما ينافي الفرض.

قال الله تعالى: «قُلْ لَوْ كَانَ إِلَّا مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ لَابْتَغُوا إِلَى ذَاتِ الْعَرْشِ سَبِيلاً» (سورة الإسراء / الآية 42).

فالله تعالى قد ثبتت له الأسماء والصفات على النحو الذي يليق بجلاله. ولا بد من الإيمان بها جميعاً، والإقرار بهذا الاعتقاد، حتى يتحقق إيمان الفرد، فيعبد الله وحده، ولا يشرك به في العبادة.