يعد قرار هيئة كبار العلماء بشأن التبرع بالأعضاء بعد الموت من أهم القرارات الشرعية التي اجتهد فيها العلماء، ومنهم الفقهاء وعلماء المسلمين، من الصحيح إلى جسد المريض أو من الحيوان إلى الحيوان يعتبر الإنسان إحدى العمليات الطبية العلمية الحديثة، والتي تتطلب اجتهاد العلماء لاتخاذ القرار الشرعي الصحيح، وفي هذا المقال سنتحدث عن قرار التبرع بالأعضاء وسلسلة من الأحكام المتعلقة بهذا الحكم، مثل: الحكم حول التبرع بالأعضاء وحكم التبرع بالأعضاء لغير المسلم.

قرار هيئة كبار العلماء في التبرع بالأعضاء بعد الوفاة

ذكرت هيئة كبار العلماء أن تنظيم التبرع بالأعضاء بعد الموت جائز شرعا، وأنه نوع من الصدقة التي ذكرها الله تعالى في القرآن الكريم في قوله في سورة البقرة: “وَأَنفِقُوا” في الصدقة. في سبيل الله ولا تعجلوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا. والحقيقة أن الإحسان في التبرع بالأعضاء يكمن في أن يكون الشخص المتبرع هو سبب بقاء إنسان آخر أو سبب شفائه وتخفيف عذابه وآلامه بإذن الله رب العالمين. وقد ذهب جمهور علماء المسلمين إلى جواز التبرع بالأعضاء في الإسلام على الأغلب، لأن التبرع بالأعضاء من التصرفات والأفعال التي لا تتعارض مع مقاصد الشريعة الإسلامية، بل تتوافق معها.

ومن الجدير بالذكر أن الشريعة الإسلامية تكرم النفس البشرية وتدعو إلى الحفاظ عليها وتحرم سفك الدماء وقتل النفس. التبرع بالأعضاء يمكن أن يكون سبباً في إنقاذ إنسان من الموت، فمن أحيا نفساً فكأنما أحيى البشرية جمعاء، ومن أحياها فكأنما أحيا البشرية جمعاء. ولقد جاءت رسلنا بينة على أن كثيرا منهم في الأرض من بعده فاسقون } والله تعالى أعلم.

قرار هيئة كبار العلماء في التبرع بالأعضاء بعد الوفاة

انظر ايضا:

حكم التبرع بالأعضاء بعد الموت، ابن عثيمين

وبعد مناقشة قرار هيئة كبار العلماء بشأن التبرع بالأعضاء بعد الموت، حرّم فضيلة الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- التبرع بالأعضاء للميت، والتبرع بالأعضاء للأحياء بعد وفاته، وقال ذلك أيضًا التبرع بالأعضاء لا يجوز في الشريعة الإسلامية لأن جسم الإنسان أمانة عند الله عز وجل، وأعضاء الميت ليست ورثة ولا تركة يمكن للورثة التصرف فيها. بل هي أمانة من الله رب العالمين، ولا يجوز التفريط فيها. وقد نقل عن فقهاء المسلمين أنهم قالوا: لا يجوز استئصال شيء من أعضائه ولو أوصى به، وحتى لو أوصى المريض باستئصال الأعضاء فلا يجوز تنفيذه. لأن جسم الإنسان أمانة”.

وفي السنة النبوية الشريفة حديث روته السيدة عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : «كسر عظم الميت ككسره حيا» ومعنى هذا الحديث أن ما يصيب الميت من أذى أو ضرر بعد موته فهو كما فعل به حيا. لكان، وهذا قول الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- في مسألة تحريم التبرع بالأعضاء للميت، والله تعالى أعلم.

حكم التبرع بالأعضاء بعد الموت، ابن باز

وبعد أن ذكرنا قرار هيئة كبار العلماء بشأن التبرع بالأعضاء بعد الموت، سنتحدث عن القرار الذي نقله الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- والذي قال فيه إن مسألة التبرع بالأعضاء بعد الموت الموت مسألة اختلف فيها العلماء، فمنهم من أباحه ومنهم من حرمه، على أنه لا يجوز للمسلم أن يتبرع بجسده لا يملكه أصلا، إذ جسد المسلم لله، يارب العالمين، وفيما يلي ننقل نص فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- حول هذا السؤال الشرعي المهم:

أما كونه يتبرع بجسده لبيان الحلال فلا يحق له أن يبيح ذلك. ولم يوضح المسلم هذا. بل السؤال هل يجوز أن تؤخذ كليتيه لشخص آخر، أو يؤخذ قلبه لشخص آخر بعد وفاته؟ وهذا هو محل البحث، وقد حرم كثير من أهل العلم ذلك، وقالوا إنه ليس له حق التصرف في جسده لأنه لله. وليس له الحق في التصرف في نفسه أو في كليته أو قلبه أو شيء من هذا القبيل. وقال آخرون: إذا سمح بذلك في حياته؛ ولا حرج في ذلك، ولابد أن أتوقف هنا.. والحديث في هذا معروف عند أهل العلم.

انظر ايضا:

ما هي أحكام التبرع بالأعضاء في الإسلام؟

إضافة إلى ما ورد عن قرار التبرع بالأعضاء بعد الموت، لا بد أن تذكر هيئة كبار العلماء أن مسألة التبرع بالأعضاء في الشريعة الإسلامية هي بين التبرع بالأعضاء التي تتوقف عليها الحياة، والتبرع بالأعضاء التي تتوقف عليها الحياة إذا كان التبرع بها. عضو من أعضاء الجسم يتوقف عليه الحياة، والتبرع بالشخص المتبرع به محرم بإجماع علماء المسلمين، لما فيه من الانتحار، قال الله تعالى في سورة النساء: {ولا تقتلوا {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} وأما التبرع بالأعضاء الذي لا تتوقف عليه حياة المتبرع، ففيه رأيان عند أهل العلم:

  • القول الأول: يجوز التبرع بالأعضاء التي لا تتوقف عليها حياة المتبرع.
  • القول الثاني: لا يجوز التبرع بالأعضاء التي لا تتعلق بحياة المتبرع.

قرار هيئة كبار العلماء في التبرع بالأعضاء بعد الوفاة

انظر ايضا:

حكم التبرع بالأعضاء لغير المسلم

بعد مناقشة قرار هيئة كبار العلماء بشأن التبرع بالأعضاء بعد الموت، يجوز للمسلم أن يتبرع بأعضاء جسده لغير المسلم، بشروط وضوابط معينة، من خلال مجامع الفقهاء والعلماء في مختلف الدول الإسلامية. وتحدثت لتوضيح هذا السؤال القانوني المهم، والذي تتزايد أهميته يوما بعد يوم مع تطور الاكتشافات العلمية. لقد تزايدت الإمكانيات الطبية في جميع أنحاء العالم، وقد ذكر العلماء أنه يجوز للمسلم أن يتبرع بأعضائه لغير المسلم إذا كان مسالما وليس محاربا، لأن الكافر المحارب هو إسراف للدماء في الشريعة الإسلامية.

والتبرع للكافر المسالم صدقة من المسلم وعمل صالح منه. وقياس العلماء على حديث أسماء بنت أبي – رضي الله عنهما – قالت فيه: “جاءتني أمي وهي مشركة في عهد قريش، إذ عاهدت”. مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأطالت إقامتها عند أبيها. فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، أتتني أمي برغبة. هل يجب أن أذهب إليها؟ قال: نعم، صلها.

وهذا الحديث يدل على جواز الصدقات والصدقات التي يعطيها المسلم للكافر المسالم. قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: “”ومن حرم الصدقة من الأغنياء وأقارب المعطي”” وللكفار وغيرهم أن يتطوعوا بالصدقة، ولهم قبولها. قال الله تعالى: {ويطعمون الطعام المساكين واليتامى والأسيرين. وما كان الأسير يومئذ إلا كافرا. والله تعالى أعلم وأحكم.

انظر ايضا:

شروط التبرع بالأعضاء بعد الوفاة

وفي خاتمة حديث تنظيم التبرع بالأعضاء بعد الموت، حددت هيئة كبار العلماء عدداً من الشروط التي يجب توافرها في عملية التبرع بالأعضاء، بغض النظر عما إذا كان التبرع بعد الموت أو أثناء الحياة، وهذه يتم استيفاء الشروط:

  • ألا تكون الأعضاء المتبرع بها أعضاء مؤثرة في النسب والوراثة، مثل: ب- شخص يتبرع بخصية أو مبيض أو غيرهما.
  • يجب أن يكون المتبرع بالغًا سليمًا إذا كان المتبرع على قيد الحياة.
  • ويجب أن يكون دم المتبرع معصوما، سواء كان مسلما أو كافرا. ولا يجوز التبرع لمسلم ضاع دمه، ولا يجوز التبرع لكافر محارب ضاع دمه.
  • ويجب الحصول على موافقة المتبرع قبل التبرع، ويجب ألا يكون التبرع مهنة يمارسها الشخص أو عملاً يحصل من خلاله على تعويض مالي، حيث أن أعضاء الشخص ليست ملكاً له يمكن المتاجرة بها.

قرار هيئة كبار العلماء في التبرع بالأعضاء بعد الوفاة

انظر ايضا:

وبهذه الشروط نختتم هذا المقال الذي استعرضنا فيه قرار هيئة كبار العلماء بشأن التبرع بالأعضاء بعد الوفاة. وقد استعرضنا قرار التبرع بالأعضاء بعد الموت عند الشيخ ابن عثيمين والشيخ عبد العزيز بن باز رحمهما الله تعالى، وفيه نلقي الضوء على حكم التبرع بالأعضاء لغير المسلم وشروطه. التبرع بالأعضاء بعد الموت في الإسلام.