إن الخطبة الرسمية أداة قوية في يد الخطيب يستطيع بها أن ينقل للمستمع أن الصبر قيمة يجب عليه تحقيقها ولو قليلا. وفي النهاية يحصد عند الله أجراً عظيماً، فهو يكافئ العبد دائماً على كل ما يحدث له، حتى لو كان في إصبعه شوكة.
خطبة رسمية عن الصبر
وخير نقطة انطلاق لحديثنا الطيب عن فضل الصبر وقيمته هو كلام الله عز وجل
(إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) صدق الله العظيم. [الزمر: 10].
وقد أوضحت الآية الكريمة أهمية الصبر لكل إنسان والأجر العظيم عند الله. والمراد بالصبر الإيمان بالقضاء والقدر في جميع الأحوال خيرها وشرها، ولا يقصد به التظاهر بالمثابرة لإخفاء نفاد الصبر كما يزعم بعض الفلاسفة.
لكي نتعلم الصبر يجب أن نتيقن أن الدنيا ليست دار ابتلاء ولا يتعرض أحد فيها لتجارب متكررة كل يوم، وأن الله يبتلي عبده بما لا يحب ليختبر مدى بلائه إذا فمن صبر واتخذه سلاحًا ودرعًا فاز في الدنيا والآخرة، وإلا خسر.
كما يعتبر الصبر من أخلاق المسلم التي لا تنفصل عنه في الطاعة أو الابتلاء، فهو من علامات الإيمان الصحيح واليقين القويم وحسن اليقين بالله فالشرط هو الصبر، وذلك من قضايا الأشياء ومن صفات الأنبياء.
تحميل موعظة عن الصبر pdf
ملتقى خطبة في موضوع الصبر في الإسلام
بسم الله الرحمن الرحيم مرحبا بكم إخواني الأعزاء، أود أن أتحدث اليوم عن قيمة أخلاقية لا غنى عنها في حياتنا في الدنيا والآخرة، وهي قيمة الصبر، التي اتصف بها أصحابها. لأنه يحميها من شرها ويجعلها أقوى وأكثر رعبا.
الصبر الجميل هو عدم السخط على الله واللجوء إلى الله وقبول التجارب دون اعتراض على قرار أو مخالفة القدر. وبهذا ينال منزلة الصابرين الذين هم في أعلى الدرجات عند الله، وقد أعد الله لهم خير الجزاء، كما أخبرنا رب العزة في كتابه الحكيم عندما قال
(ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما عملوا من قبل). [النحل: 96].
وقد ذكر الله الصبر الجميل في سورة الآية الخامسة من سورة المعارج حيث قال: “فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا”. [المعارج: 5].
وقد فسر المفسرون هذا التعبير القرآني العظيم بأن الصبر الجميل هو الذي لا فزع فيه ولا خوف.
حيث يقول الله تعالى: “اصبر يا محمد إذا آذاك المشركون، ولا يمنعك ذلك الأذى من بلاغ أمر”.
ويجب أن نتعلم من هذه التعاليم القرآنية القيمة التي تقوي العقيدة وتقوي الإيمان. ويشيرون أيضاً إلى بعض اللمحات في شخصية الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، حيث صبر على أذى السفهاء لتبليغ الرسالة وأداء الأمانة وإخراجنا من الظلمات إلى جلب الضوء ل.
موعظة عن أشكال الصبر في الحياة
ولا يقتصر الصبر في الإسلام على الصبر على البلاء والمحن فحسب، بل هناك مواقف كثيرة يحتاج فيها الإنسان المؤمن إلى الصبر، كما تحتاج جميع جوانب الحياة إلى الصبر حتى تستقيم الدنيا وننتصر في الآخرة.
الأول: الصبر على الشهوات والمعاصي
لقد جعل الله النفس البشرية ضعيفة أمام الشهوات، وجعل الله الجنة والنعيم المقيم فيها جزاء لمن صبر على هذه الشهوات والمعاصي. كما خلق الله بديلاً لكل خطيئة لتخفيف الشهوات بطريقة شرعية.
لكن النفس الدالة على الشر ووساوس الشيطان تشجع دائما على الوقوع فيما نهى الله عنه. ولذلك فإن درع الصبر مهم لحماية النفس من أهواء النفس وزلاتها.
وكذلك الصبر على الخطيئة وانتظار ما أحل الله في وقته يؤدب النفس، ويقوي الإيمان، ويحرر الضمير من نير الملذات الدنيوية الزائلة، ويقوي الشخصية في مواجهة التجارب.
ويمكن حث النفس على الصبر على الذنب بالإعراض عنه، وعدم التعلق به، والابتعاد عن أماكن انتشاره، والابتعاد عن أصحابه وأهله، والنفس بكثرة الطاعة تمنعه وبدائل ذلك. وقد وصف الله.
ثانياً: الصبر على الكوارث والمحن
ويقول الله في آياته المباركة:
(ولنبلونكم بالخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين). [ البقرة: 155]
ومن الآيات المتعلقة بالصبر نرى أنه يرتبط دائما بالبشارة، لأن الله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملا، ولا عمل أفضل من الصبر الجميل، لأن الملل وعدم الرضا يفسدان الطاعة ويتركانها. يفقده قيمته.
فإذا تحملت مصاعب الدنيا ومصاعبها بكل يقين بالله، وأيقنت أنها ابتلاء من الله على إيمان المؤمن، فإن عاقبتها الوحيدة هي جنة بلا حساب ولا سابقة عذاب استعينوا بالصبر على مواجهة كل سهام الحياة لتكون حياتنا طريقا إلى الجنة.
يبتلي الله العبد في صحته، أو ماله، أو أولاده، ليكفر عنه سيئاته، ويدخله جنات النعيم. ولا أحد منا يعلم هل ما يحدث لنا شر أم خير، كما قال الله تعالى: قال الله تعالى:
(وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم) [البقرة: 216]
وقد أكد لنا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف قيمة الصبر وثوابه عند الله عندما قال:
(ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له درجة وحطت عنه خطيئة، ولو يعلم المسلم ما في الصبر على البلاء لفعله). .) فلا تتأسوا ولا تعترضوا على حكم الله) الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم: 5758 | خلاصة قرار الحديث : صحيح | الخلاصة : رواه مسلم (2572) .
ثالثاً: الصبر على النعمة
كثير من الناس لا يعرفون هذه القيمة لأن معظمهم يعتقدون أن الصبر لا يوجد إلا في مواجهة المعاناة والمصاعب، على الرغم من أن النعمة يمكن أن تكون اختبارًا واختبارًا أكبر من الكوارث والمصاعب.
ولذلك يجب علينا أيها الإخوة في الله أن ننتبه لهذه القيمة الدينية والإنسانية الرائعة. وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال:
(لقد ابتلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصبرنا، ثم ابتلينا بعده اليسر فما صبرنا) الراوي : حميد بن عبد الرحمن | المحدث : الترمذي | المصدر : سنن الترمذي | الصفحة أو الرقم: 2464 | خلاصة قرار الحديث : حسن
وكما قال بعض السلف: (إن المؤمن والكافر يصبران على البلاء، وما يصبر على الرخاء إلا الأبرار).
والمقصود بهذه القيمة هو أنه لا ينبغي لنا أن نخدع أنفسنا ونغريها بملذات الدنيا بدلا من ما هو أهم، وأنه لا ينبغي للمسلم أن ينغمس في شره للنعم حتى لو لم تكن متاحة له. فيمنع منه، مثل من يأكل ويشرب ويجامع بشكل مفرط.
ومن مظاهر قيمة الصبر على النعمة أيضًا تحقيق حق الله فيها، كما جاء في قوله تعالى في سورة إبراهيم:
(وإذ يبين لي ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) [إبراهيم: 7].
الرابعة: الصبر على شدة الطاعة
يقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين). [البقرة: 153].
فهذه الآية الكريمة تجمع بين الصبر والطاعة. ولأن الصبر على الطاعة يتطلب طاعة، فقد أمرنا الله بذلك وحثنا على تطهير النفس وإزالة المخاوف.
كثير من العبادات تتسم بالمشقة، وقد رتب الله بعض المشقة في شرائعه وقراراته. ولكي يكون الاختبار صحيحا، ليس للطاعة معنى إذا كانت مريحة وممتعة، ولكن صعوبتها تختبر قوة إيمان المؤمن ومن يستحق أعلى منازل الجنة.
وعندما ننظر إلى العبادات والفرائض، كالصلاة والحج والصيام، نرى أنها كلها تحتاج إلى الصبر، خاصة في الحفاظ عليها وصيانتها.
والعبادات التطوعية التي تعلمناها من النبي، مثل قيام الليل وصيام الاثنين والخميس، تتطلب الصبر أيضًا. ولذلك فإن قيمة الصبر لا غنى عنها في كل أمور ديننا ودنيانا.
وكذلك طاعة الجهاد في سبيل الله، وهو من أعظم واجبات الطاعة والواجب مع أعلى الأجر عند الله، لا تصح بدون صبر، كما علمتنا آيات القرآن الحكيم في قوله تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا اصبروا وثبتوا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون). [آل عمران: 200].
لقد أوضح نبينا الكريم فضيلة الصبر بأبلغ بيان عندما قال إن مجرد الشوكة في جسد المؤمن ترفعه خطوة بين يدي الله وتدل على قوة الإيمان والنجاح وحسن الأجر إذا النية وحسن الظن. الأعمال الحاضرة صادقة.