ما هي الأسباب؟ وإذا تمكنا من تخفيف الظروف الأساسية التي تسمح بظهور التطرف وانتشاره في هذه الدول، فإننا بحاجة إلى استراتيجية جديدة لمنع التطرف، وخاصة في الدول الهشة.

ومن خلال معالجة التهديد المتزايد للتطرف قبل ظهوره، ستكون البلدان المتقدمة أقرب إلى كسر حلقة الاستجابة المستمرة للأزمات. الوقاية خير من العلاج.

كيف يمكن معالجة ظاهرة التطرف؟

نحن بحاجة إلى استراتيجية جديدة لمنع انتشار التطرف الذي يهدد بلداننا ومصالحنا الاستراتيجية وقيمنا.

لكن التركيز الحالي على مكافحة الإرهاب يظل ضروريا، ولكنه ليس كافيا ولا فعالا من حيث التكلفة. والمطلوب هو نهج يتقدم على المشكلة.

وذلك لأن الإرهاب ليس التهديد الوحيد الذي نواجهه، بل إن التطرف (الأيديولوجية التي تدعو إلى فرض نظام شمولي يهدف إلى تدمير المجتمعات الحرة) هو أحد الأعراض.

التطرف مرض يتفاقم مع مرور الوقت، ويتضمن عدة سلالات، يؤجج الدول ويساهم في الفوضى والصراع والقمع الذي يقتل الأبرياء ويستنزف الموارد ويعوق الفرص المستقبلية.

لذلك، ومن أجل تقليل إنفاقنا من الدماء والمال، والحماية من التهديدات المستقبلية المحتملة، والحفاظ على القيادة والقيم، يجب علينا أولاً أن نحاول منع التطرف من الترسخ.

ويجب أن يكون هدف النهج الوقائي أيضًا هو تمكين المجتمعات المعرضة للتطرف لتصبح مكتفية ذاتيًا.

وهم أكثر قدرة على مقاومة هذه الآفة والحفاظ على مكاسبهم الاقتصادية والأمنية التي حصلوا عليها بشق الأنفس. ولمنع انتشار هذا التطرف إلى كافة المجتمعات الأخرى وتحوله إلى وباء معدٍ، يمكن التدخل في ظاهرة التطرف من خلال الآليات الوقائية التالية:

1- التثقيف الوقائي للأسرة ضد التطرف

إنها اللبنة الأولى في بناء مجتمع متناغم. ورغم أنها من أصغر المؤسسات إلا أن الدور الإيجابي الذي تلعبه في الوقاية من الانحراف والجريمة لا يقارن بأي مؤسسة أخرى.

وهي المسؤولة عن تكوين شخصية الفرد وترسيخ المعتقدات في ذهنه. وهو أيضًا مسؤول عن السند الذي لا يجوز لأي عضو كسره.

ولا يقتصر دور الأسرة على مراقبة أبنائها، أو توبيخهم عندما يخطئون، أو التحكم في سلوكهم؛ ويذهب الأمر إلى أبعد من ذلك بكثير ويشير إلى “متطلبات الإخلاص الأبوي”.

ومن خلال إزالة هذه الحواجز النفسية والفكرية لتمهيد الطريق أمام الأهل للتعمق في تفاصيل أبنائهم، سيتمكنون من معرفة حقيقة ما يدور في أذهانهم وتصفية المؤثرات الخارجية السلبية التي يتلقونها.

وهنا يمكن أن نتحدث عن “التفاعلات الذكية” التي يمكن للعائلة متابعتها مع الشباب. وتشمل هذه:

  • – معرفة وجهة نظرهم للواقع وكيفية حكمهم عليه
  • معرفة كيف يفكرون… عاطفيا أو عقلانيا؟
  • مراجعة طبيعة تصوراتهم الدينية والثقافية وكيفية ممارستهم لها على أرض الواقع.

ولا يفوتك أيضاً:

2- دور المؤسسات التعليمية في مكافحة التطرف

وهذا أمر بالغ الأهمية ولا يمكن تجاهله؛ ولذلك قمنا بتوفير الآليات الممكنة لمعالجة ظاهرة التطرف بعد حدوثها وقبل تفاقمها، وذلك من خلال:

  • تهيئة المناخ اللازم الذي من شأنه تفعيل دور الجهات في تذليل المعوقات التي قد تواجه الطلاب.
  • مراقبة الحوادث السلوكية بشكل عام ومعالجة المتطرفة منها بالتعاون مع إدارة المؤسسة لتجنب السلوكيات غير المقبولة.
  • مراقبة ومتابعة كافة النزاعات التي تحدث بين الطلاب، فإذا تعرض أحدهم للعنف من الآخر، حاول الحد من انتشارها من خلال الكشف عن الأفكار غير الطبيعية.
  • ولا بد من تنظيم الندوات والمؤتمرات للقضاء على الآراء المتطرفة وأن يكون مسؤولوها معتدلين.
  • تعزيز الديمقراطية وتعزيزها، وتعليم الطلاب قواعد الحوار وحرية الرأي والمعتقد في الأمور التي لا تتعارض مع المعايير العامة.
  • التبصر في المفاهيم الخاطئة والمفاهيم الخاطئة التي قد تؤدي إلى مجالات النقاش والخلاف، بناءً على ذوي الخبرة والمعرفة.
  • المشاركة في اللجان الثقافية والخطابة وغيرها. توعية الطلاب بممارسة حريتهم في الفكر والمعتقد، على ألا يخل ذلك بقبول اختلاف الآراء.

3- الشروط اللازمة لدور العبادة لمكافحة التطرف

ولا تخفى أهمية تفعيل دور الدين في علاج الانحرافات الفكرية والسلوكية والتطرف على أي إنسان عاقل.

ومع بيان مسؤولية المسلم في مواجهة هذه الظاهرة، فإن من المسائل التي يظهر فيها هذا الدور بوضوح ما يلي:

  • لتوضيح الفرق بين الجهاد المشروع الذي حث عليه ديننا الإسلامي دائما، والإرهاب والتطرف الإجرامي، الذي لا علاقة له بالجهاد.
  • إلا أن بيان خطورة إعلان التكفير لمجرد اختلاف العقيدة يتعارض تماما مع مقاصد الشريعة السمحة.
  • الحرص على حصول جميع أفراد المجتمع على الأفكار الصحيحة المناسبة لهم من خلال مخاطبة كل فئة بما يتناسب مع عقلها وثقافتها المرنة.
  • اشرح خطايا التعاطف مع المتطرفين أو تبرير أفعالهم.
  • الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات وتطويعها لمواجهة التطرف.
  • نشر الكتب التوعوية التي تهدف إلى شرح كافة جوانب التطرف، وكذلك شرح كيفية معالجة ظاهرة التطرف.
  • تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى بعض الناس حول نصوص القرآن وسنة النبي محمد.
  • إعلان حقوق غير المسلمين في المجتمع.

ولا يفوتك أيضاً:

4- دور الإعلام في مكافحة التطرف

وباعتبار أن كافة المواطنين يتأثرون بما يبث في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، فمن البديهي أن يكون الإعلام أحد أهم الأسلحة المستخدمة في مكافحة التطرف بكافة جوانبه.

فئة الإعلام هي الفئة الأكثر تأثيرًا على عقول الأفراد. ولذلك يجب على الجهة المنظمة للإعلام توضيح الحقائق دون مبالغة أو تحريف وذلك من خلال:

  • تقديم صورة واضحة عن الاعتدال بأفضل صورة ممكنة، من خلال نشر ثقافة الحوار والانفتاح والتسامح.
  • – توضيح الصورة السلبية لما يؤدي إليه الإرهاب والتطرف في نهاية المطاف.
  • أن يكون لها دور في تنوير العقول بتوصيات تعاليم الإسلام السمحة وتوضيح الأمور التي يغفل عنها كثير من الناس.

5- مقترحات لمكافحة التطرف

وما لم يتم فهم كل التغيرات التي تطرأ على ظاهرة التطرف، وتظل الأيدي خاملة في مواجهتها بقليل من العقل وكثير من العقل،

ومن المرجح أن تتفاقم هذه المشكلة وتنمو. ولم يعد من الممكن مواجهتها بالطرق التقليدية. وهنا يمكننا التركيز على:

التمييز بين الإطار الفكري للتطرف الذي يقتصر على المعتقدات والتوجهات، ودوامة الممارسات السلوكية العنيفة الناتجة عن تعزيز التطرف.

وبما أن أساليب التعامل مع الأخير تختلف عن الأول، فمن الأفضل مواجهة التطرف بالطريقة الأمنية الدبلوماسية.

أو من الأسلوب الفكري السياسي القائم على الاستيعاب والإقناع والإصلاح الفكري.

إن القناعة بأن التطرف لا يشير إلى حالة معزولة عن السياق الثقافي أو الاجتماعي العام، هي بطبيعة الحال إحدى النتائج المنطقية للخلل الذي ينشأ في هذا السياق.

وما لم تتم معالجة الأسباب التي تخلق أرضا خصبة لانتشار الأفكار المتطرفة، فلن تتمكن أي دولة من مكافحة التطرف بجميع أشكاله.

ولا يفوتك أيضاً:

أسباب التطرف

ويصر علماء النفس على تأكيد أن المتطرف يعاني من انعدام الرؤية، لأن الإنسان لا يرى إلا ما يرغب في رؤيته، ولا توجد رؤية أخرى في ذهنه أصلا.

ولذلك فإن رؤيته أحادية الجانب. فالمسألة لا تقتصر على متطرف يحتاج إلى تصحيح، بل هي ظاهرة تحتاج إلى علاج لأنها تهدد الأمن والاستقرار.

وفي الشريعة لم يذكر معنى الإفراط، بل على العكس ذكر “الزائدة” أي المبالغة، أي الإفراط في الأشياء، أي الانحراف عما يجب أن يكون.

ومن هنا نرى أن التطرف ليس له أصل شرعي، بل هو التحيز والتطرف وعدم الاعتدال. إنه مخالف للمعايير الإسلامية.

والتطرف يعني أيضًا “الابتعاد عن القواعد”، سواء كانت منطوقة أو تقليدية أو مكتوبة. الإفراط السلوكي أو الفكري يؤدي دائمًا إلى الإفراط السلوكي.

إن تجاوز حد القياس في الفكر الإنساني يؤدي إلى السلوكيات الضارة في مختلف جوانبها. تنشأ ظاهرة التطرف عادة نتيجة العوامل الرئيسية التالية:

  • فقر
  • الجهل والجهل
  • المناهج المفرطة
  • الأنظمة المتطرفة
  • القمع “هو أعظم سلاح يولد التطرف”

ولا يقتصر التطرف على المجال الديني فحسب، بل اتسع ليشمل كافة المجالات الاجتماعية والفكرية والسياسية والثقافية.

  • الآثار السلبية للقيم والموروثات الاجتماعية والثقافية التي تنتج التشوهات التي تغذي نار الطائفية.
  • انتشار العديد من المنصات التي تروج للكراهية والتطرف.
  • وفي غياب القادة والرموز الدينية الملهمة، لا مجال للتنوير لأحد، ولا يمكن السير على نهج رواد النهضة.
  • تزايد دور القوى الفاعلة في الترويج للتطرف ومبادئه.
  • – التفسير الخاطئ للفتاوى والخطابات الدينية.
  • ازدواجية المعايير في العلاقات
  • الغباء وتراجع التفكير النقدي، وكذلك رفض الآخرين وتنمية ثقافة التفوق.
  • وحثهم الخطاب المتعصب الذي يستهدف الشباب على اتباع نظام غذائي والامتناع عن التصويت.

مخاطر التطرف

إن الله – بحمده – خلق الإنسان في أحسن صورة، فساواه في العقل والفهم، وميزه بإرادته.

وهذا يجب أن يوصله إلى هذا الحد: ولا شك أن الإفراط مخالف لطبيعته، ويخل بتوازنه بالانحراف عن هذه الاستقامة.

وهذا يعني أن للإفراط آثاراً نفسية سيئة؛ وهذا يغرس مشاعر شبه نفسية، مما يتسبب في تدهور العلاقات بين المتطرف وعائلته.

وهو أيضاً مصدّع من الداخل، لماذا لا؟ عندما تنقلب موازينه، لا يرى الواقع حقيقياً، ولا ينظر إلى الواقع إلا شذوذاً.

وعليه، فإن مما يجعل التطرف خطيراً جداً هو أنه يشبه المرض. هذا الاضطراب، إضافة إلى آثاره على المجتمعات، يحرف الإنسان عن طبيعته.. وهذا ما هو أخطر من اضطراب الفكر!

ولا يفوتك أيضاً:

موقف الإسلام من التطرف

جاء الإسلام ليحمي خمس حاجات، أهمها حماية العقل. وبما أن الشباب هم الفئة الأكثر تأثراً والأكثر طاعة، كان لا بد من توجيه الخطاب الديني إلى عقولهم.

للتخلص من السموم والأفكار الخاطئة التي تنتشر في داخلنا، خاصة في العصر الذي نعيش فيه، والتي لا تعد حلولها لا تعد ولا تحصى.

وقد اتفق الفقهاء على تحريم التطرف بكافة أشكاله، متأسين تارة بالشريعة التي تحرم التطرف وتارة متسامحة كما قال الله تعالى في سورة المائدة.

«قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن الحق. (7) 7) “.. وفي سورة البقرة: “وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا (143)”.

وقال أكرم الخلق صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس، اتقوا الغلو في الدين، فإن أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين).

لقد حذر الإسلام بعناية من التطرف والغلو وانعكاساته السلبية على الأفراد والمجتمعات، وشجع على القراءة المتأنية للنصوص الإسلامية مع التحذير من مصير المتطرفين.

ولا يزال التنسيق أو الاتفاق غير كاف، سواء بين حكومات البلدان الفردية أو عبر المجتمع الدولي، بشأن ما يجب القيام به لمنع التطرف.