ما حكم الحج لمن ارتكب ذنوباً كبيرة بعد حجه في الإسلام؟ وهو من أهم الأحكام الشرعية لكثير من المسلمين. لأن كثيراً من المسلمين يحجون ثم يرتكبون الكبائر، لأن النفس البشرية لا تزال فريسة للشر، ولأن الناس يخطئون فيمكن أن يخطئوا. في هذا المقال سنتحدث عن رأي الشرع فيمن حج ثم ارتكب ذنوباً عظيمة سنتحدث عن الذنوب التي لا يكفر عنها الحج، وعن الذنوب التي لا يكفر عنها الحج، و عن الذنوب التي لا يكفرها الحج.
حكم الحج لمن ارتكب الكبائر بعد الحج
لا يعتبر ارتكاب الذنوب الجسيمة بعد أداء مناسك الحج باطلاً. وفي هذه الحالة يكون حج المسلم صحيحاً إن شاء الله تعالى. ولو رجع المسلم عن دينه بعد أداء مناسك الحج ثم عاد إلى الدين. لكن هذا على الأغلب لا يبطل حجه. إذا حج مسلم أو صام أو صلى رمضان ثم ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب، لم يؤثر ذلك على حسناته التي عملها، بل كان عليه بذنب أكبر ذنب عمله. فالذنوب تنقص الإيمان وتضعفه، ولكنها لا تؤثر على حسنات المسلم التي عملها في الماضي. وفيما يلي كلام الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- في جوابه على سؤال من قال إنه ارتكب ذنبا كبيرا بعد أن أدى فريضة الحج، والواجب أجابه الشيخ:
حجك صحيح، والحمد لله، إذا قمت بما كتبه الله لك، فحجك صحيح، ولا يبطل الذنوب بعده، ولو ارتد الإنسان، فإن كفر صح حجه لا. فإن ذلك يبطل إلا أن يموت على الكفر؛ فإن سقط، هداه الله، وعاد إلى الإسلام، بقي عمله السابق؛ لأن الله شرط أساسي للردة، فيجب أن يموت من أجلها.
ما هي الذنوب التي لا يكفر عنها الحج؟
ذهب جمهور العلماء إلى أن أداء فريضة الحج يؤدي إلى تكفير الصغائر، بينما الكبائر تقتضي من المسلم التوبة الصادقة والندم الشديد، حتى يكفر عنها الله رب العالمين. وفي كتاب مرقاة المفاتيح أوضح لمشكاة المصابيح: “أما الهجرة والحج فلا يكفران السيئات، ولا يكفران بغفران الذنوب العظيمة التي تقع بين العبد وسيده ولذلك فإن الحديث يفسر على إهلاكهم الأصغر الأول، وهلاكهم الأكبر يؤول إلى: “وفيه حقوق العباد بشرط التوبة…” وهذا المثل دليل على أن الذنوب التي يرتكبها لا يكفرها الحج من كبائر الذنوب، لأنها تحتاج إلى توبة خاصة من المسلم.
كما أن الحج لا يسقط حقوق المسلم تجاه عباده. قال الهيتمي في أهم الفتاوى الفقهية: “الحج المبرور يكفر الجميع إلا العواقب، كما نقل بعضهم إجماعا على هذا الاستثناء” والله تعالى أعلم وأحكم.
هل الحج يسقط حقوق الناس؟
وقد اتفق علماء المسلمين على أن الحج لا يسقط حقوق العباد، بل يكفر عن صغائر الذنوب. وقد جاء عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أنه قال: “وقد أجمع المسلمون على أن ذلك لا يسقط حقوق العباد من الديون ونحوها، وأن ولا تسقط الصلاة المفروضة والزكاة، ولا حق المقتول ولو حج». بإجماع أهل العلم. وهو مما لا يترك بالتوبة، ولا يترك إذا رده المسلم إلى قومه، والله تعالى أعلم.
هل الحج يكفر الذنوب الكبيرة؟
اختلف علماء المسلمين في مسألة هل الحج يكفر الكبائر أم أن الكبائر تحتاج إلى توبة صادقة من المسلم حتى يكفر عنها؟ قال الهيتمي: “”الحج المبرور يكفر الجميع إلا عواقب الوجود البشري”. وقد نقل بعضهم إجماعا على هذا الاستثناء، والحديث الذي يدعو إلى تكفير العواقب أيضا ضعيف، فيقول بعضهم: إنه يكفر”. يقتضي ذلك، مما لا ينفي وجوب التوبة.” يدل على أن الحج لا يكفر الكبائر، وبما أن الأمر منقسم بين أهل العلم، فيجب على المسلم التوبة النصوح أمام الله عز وجل، ليكفر ما عليه من كبائر الذنوب. وعليه أن يتوب على ما ذكر، وأن لا ينوي العودة إلى مثل هذه الذنوب العظيمة، إن شاء الله رب العالمين، والله تعالى أعلم.
وهنا نكون قد وصلنا إلى خاتمة هذا المقال الذي تحدثنا فيه عن حكم الحج لمن ارتكب الذنوب الجسيمة بعد الحج. ثم تحدثنا عن الذنوب التي لا يكفرها الحج، وتفصيل ما إذا كان الحج يسقط حقوق العباد، وهل الحج يكفر الكبائر.