هل يجوز للمرأة العمرة مع مجموعة نساء، تعد العمرة من الأنشطة الدينية المهمة للمسلمين، إذ تتضمن زيارة بيت الله الحرام وأداء العبادات المخصصة في المكان المقدس. ويرغب كثير من النساء في أداء العمرة مع مجموعات نسائية لتوفر الراحة والإطمئنان خاصة للسيدات منهن. فهل يجوز للمرأة أن تؤدي العمرة بصحبة مجموعة نسائية؟ يثار هذا التساؤل حول دور المرأة في الحج والعمرة، وهو موضوع شائك يشغل بال كثير من المؤمنين والباحثين عن الحقيقة.
هل يجوز للمرأة العمرة مع مجموعة نساء
مفهوم الحكم على سفر المرأة بدون محرم
قبل الدخول في نقاش هل يجوز للمرأة العمرة بصورة جماعية، ينبغي التطرق إلى المفهوم الإسلامي للحكم على سفر المرأة بدون محرم. فقد عُبرَّ بهذا الشأن بالقول: “لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا وبصحبتها محرم”. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا يتطلب الأمر وجود محرم؟
إن الأسباب التي دفعت الدين إلى التشدد في حكم سفر المرأة بدون محرم تعود إلى عدة أسباب، منها:
- ضعف الغلاف النفسي للمرأة، وخاصة في حال كانت تسافر بمفردها.
- إختلاط المروج والطُّرُق المختلفة، مما يزيد من فرصة التعرُّض للأذى والإيذاء.
- امكانية انحراف غير متوقع للظروف، وهو الشيء الذي يؤثِّر على صحتها وسلامتها.
ولكن هذه القواعد قابلة للتغيير بحسب المناسبات. فقد جاء في السُّنَّة النبوية الشَّرِيْفَة أنَّ النِّسَاء إذا كان عُمْرُ شَهْورِ الْحَجِّ قد بدَأ فلا يجوز لهُنَّ تأخيره ولا إرجاؤُه، ويشترط لها في هذا الحال استكمال متطلبات الأمر بفصل منهن كمحرِّم.
وعادة يكون هذا المحرِّم الذي تشترطه المرأة رجلًا مسلِّمًا بالغاً، وتخضع له طوال فترة السفر. والآن بعد معرفة هذه الأحكام، نستطيع أن نضيء على جانب جديد من التساؤلات، حول سفر المرأة بصحبة مجموعة نساء لأداء العُمْرَة.
حكم سفر المرأة بصحبة مجموعة نساء
قد يختلف القَول في ديننا الإسلامي حول حكم سفر المرأة مع مجموعة من النِّسَاء. فقد جاء في كتاب “فتح المجيد” الشَّامِلِ في الفِقْه (4/ 337): “ويصح برواية قَائِلٍ على المُستَضَافات المطلقَات أن يُؤْمَّن لهُنَّ ولو كان بينهنِ مسافة”.
وبالتالي، فإن إمكانية سفر المرأة بصحبة مجموعة نساء يعتمد على:
- الثِّقَة بالأشخاص الذين ترافقهُم.
- عدم التحرُّش في الطائرات وغيرها، ولاسيَّما في حالات قلة الأدب والحشود الكبيرة.
- تجنُّب الظروف المؤذية التي تزيد من خطورة التعرُّض للأذى، مثل السفر بواسطة وسائل غير آمِنَة أو صعوبات جسدية.
رأي العلماء في سفر المرأة بدون محرم
قد يتخوَّف البعض من رفض من قِبل بعض العلماء لسفر المرأة بدون محرِّم. ولكن هذا ليس دقيقًا بالضرورة. فقد أجاز شيخ الإسلام ابن تيمية السفر بدون محرم في بعض الظروف، وكذلك شيخ الإسلام ابن عثيمين. والأهم هو أن المرأة لديها الحق في أداء فريضة العُمْرَة، سواء بصحبة محرِّم أو بدونه، كما لديها حق التعامُّل والاستجابة لظروف رزقها.
هل الأم محرِّم لبناتها في العُمْرَة؟
تشتبك هذه المسائل في إطارٍ دينيٍ وشرعي، تحدده مصادر الإسلام الشَّرِيْفَة والتعاليم التي جاء بها رسولُنا صلى الله عليه وسلم. وبالتالي، يجب دراسة مصادر هذه الفِقْهية التي يختص بها هذا الموضوع، حتى تكون الإجابات ذات جدوى شرعيةٍ مقبولة.
لا يختلف الخبراء في ديننا أنَّ قطعًا من الأخبار تؤكِّد استثناء الأم كمحرِّم لبناتها في العُمْرَة والحج. ففي بعض الروايات الشَّرِيْفَة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يَحُلُّ لِامْرَأَةٍ تؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ أن تسافر ثلاثة أيَّامٍ إلا مع ذي محرَّم”.
وتستثنى من هذا المقول النِّساء اللواتي درج ظاهرًا من يستحيل سفرهن بدون محرِّم مثل: المطلقات، أو التي ليس لهنْ جوارٌ قريب، أو حديثات العهد، غير المكفولات بالأصول الدينية.
إن كانت المرأة راغبة في إتمام العُمْرَة بدون محرم، فعلى سبيل المثال، في حال كانت تزور دولًا عربية، فذلك قد يكون مضطَّرًا. في هذه الحالة يكفي اتِّخَاذ التدابير اللازمة، والتأكُّد من أن عمليات السفر تتم بشكلٍ آمِن وفي ظروفٍ معقولة.
هل يجوز للمرأة العمرة مع مجموعة نساء، بشكل عام، يُسمح للمرأة بالقيام بالعمرة مع مجموعة من النساء. ومع ذلك، ينبغي على المسافرات التأكد من اختيار وكالات سفر موثوقة وقانونية لتجنب الاحتيال والتلاعب. وينبغي أيضًا للمرأة التأكد من توفير جميع المتطلبات اللازمة لإتمام فريضة العمرة، كما يُنصح به حضور دورات تدريبية لزيادة معرفتها بجوانب الطقس والصحة والأخلاق المهمة لحجاج بيت الله الحرام.